في زاوية هادية من المدينة، كان “سالم” يدور على مكان يرتاح فيه بعد يوم طويل بالشغل. طاحت عينه على مقهى “جزل”، اللي كل الناس تمدح فيه، وقال في نفسه: “ليش ما أجربه؟”.
أول ما دخل، شم ريحة القهوة اللي تفتح النفس، وحس بدفء المكان. النقوش النجدية على الجدران والبار لفتت نظره، وكأنها ترجع به للزمن يوم كان صغير يزور بيوت الطين مع جده.
جلس سالم على طاولة جنب الباب الكبير اللي كله قزاز ، وأشعة الشمس كانت تدخل بخفة،و تضوي على دفتره اللي جابه يكتب فيه أفكاره. من بعيد، سمع صوت موظف المقهى وهو يحضر القهوة على البار اللي يتوسط المكان، بتصميمه التراثي اللي يشبه نقوش أبواب نجد القديمة.
يوم وصلت قهوته، لمح السجاد الأحمر تحت البار. وقف للحظة، وتأمله وهو يبتسم، لأنه ذكره بسجادة أمه القديمة اللي كانوا يفرشونها كل عيد. أخذ أول رشفة من القهوة، وحس أن طعمها مختلف، كأنه انعكاس لكل التفاصيل اللي شافها بالمكان.
وهو يكتب بدفتره، شاف لوحة على الجدار مكتوب عليها:
“يالخرج دوبه طرف الليل دوبه
وأنا على جزل الأكواب شفقان.”
قرا البيت مرتين وثلاث، وابتسم. حس إن الكلمات تصف شعوره تمامًا: لحظة هدوء وقهوة تنعش الفكر.
قبل ما يطلع، صور اللوحة والنقوش، وقال في نفسه: “هذا مكان ما راح يكون أول وآخر مرة أجيه.” حس أن “جزل” مو مجرد مقهى، لكنه مساحة مليانة دفء، تساعده يرتب أفكاره ويسترجع جزء من هويته.